الخميس، 5 فبراير 2015

الشيخ فركوس حفظه الله

الفتوى رقم: ٥٥٣
الصنف: فتاوى الأسرة - المرأة

في حكم قيادة المرأة للسيَّارة

السؤال:
ما حكم سياقة السيَّارة بالنسبة للمرأة وقيادتها لها؟
الجـواب:
الحمدُ لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله اللهُ رحمةً للعالمين، وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، أمَّا بعد:
فالأصل أنَّ ركوب السيَّارة وغيرِها مِن المراكب جائزٌ للذكور والإناث، لأنَّ الأصل في العادات الجوازُ والإباحة، وقد كان ركوبُ الدابَّة وسَوْقُها أمرًا مشروعًا للجنسين في العهد الأوَّل، ولقوله صلَّى الله عليه وسلَّم: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ»(١) أي: في الأحكام، ويؤيِّد ذلك ما أخبر به النبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم عن مستقبَل الإسلام وانتشاره بقوله لعديِّ بن حاتمٍ رضي الله عنه: «... فَإِنْ طَالَتْ بِكَ حَيَاةٌ لَتَرَيَنَّ الظَّعِينَةَ تَرْتَحِلُ مِنَ الحِيرَةِ حَتَّى تَطُوفَ بِالكَعْبَةِ لَا تَخَافُ أَحَدًا إِلَّا اللهَ»(٢)، والظعينةُ: المرأةُ في الهودج(٣)، والهودجُ: أداةٌ ذاتُ قُبَّةٍ توضع على ظهر الجمل لتركَب فيها النساءُ(٤)، وهذا الحكم مِن حيث السياقةُ في حدِّ ذاتها وتعلُّمها.
أمَّا إذا كان تعلُّمُ سياقة السيَّارة للمرأة وقيادتُها يفضي إلى مفاسدَ ومهالكَ كإسقاط الحجاب، وحصولِ التبرُّج والاختلاط، وإفساد المجتمع، وتعريض المرأة لمختلف أنواع الابتزاز والأذى؛ فإنَّ ذلك يُمنع سدًّا لذريعة المحرَّم، حفاظًا على دين المرأة واحتياطًا لسمعتها وكرامتِها، وحمايةً لها مِن طمعِ مرضى القلوب ومِن عدوان ذئاب الأعراض.
علمًا أنَّ: «مَا حُرِّمَ سَدًّا لِلذَّرِيعَةِ يُبَاحُ لِلْحَاجَةِ»(٥) إذا توفَّرت ضوابطُها الشرعية(٦) كما هو مقرَّرٌ في القواعد العامَّة.
والعلمُ عند الله تعالى، وآخر دعوانا أنِ الحمدُ لله ربِّ العالمين، وصلَّى الله على نبيِّنا محمَّدٍ وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين، وسلَّم تسليمًا.
الجزائر في: ٧ ربيع الثاني ١٤٢٧ﻫ
الموافق ﻟ: ٠٦ مـاي ٢٠٠٦م


(١أخرجه أبو داود في «الطهارة» باب في الرجل يجد البلَّة في منامه (٢٣٦)، والترمذي في «أبواب الطهارة» بابٌ فيمن يستيقظ فيرى بللًا ولا يذكر احتلامًا (١١٣)، مِن حديث عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٢٨٦٣).
(٢أخرجه البخاري في «المناقب» باب علامات النبوَّة في الإسلام (٣٥٩٥) مِن حديث عديِّ بن حاتمٍ رضي الله عنه.
(٣انظر: «النهاية» لابن الأثير (٣/ ٣٥٠)، «الزاهر» للأنباري (٢/ ٤٧).
(٤«المعجم الوسيط» (٢/ ٩٧٦).
(٥انظر هذه القاعدةَ في: «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢١/ ٢٥١، ٢٢/ ٢٩٨)، «زاد المعاد» لابن القيِّم (٢/ ٢٤٢، ٤/ ٧٨).
(٦انظر ضوابطَ الضرورة الشرعية على الموقع في الفتوى رقم: (٦٤٣) الموسومة ﺑ: «في ضوابط قاعدة «الضروراتُ تبيح المحظوراتِ»».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أرشيف المدونة الإلكترونية